1. 2. قصتي
1. عَن يَونا > 1. 2. قصتي مع الآرامية
1. 2. 1. شرارة البداية:
لقد إعتاد والدي تدوين وحفظ الكلمات الآرامية القديمة التي خرجت من الإستخدام لسبب أو لآخر، وكان معظمها عبارة عن أسماء لأدوات قديمة اختفت أو تحولت لتحف يحتفظ بها البعض، بينما أصبحت أسمائها في مهب النسيان والزوال. وفتح هذا عيناي على أهمية توثيق أسماء هذه الأدوات وكيفية استخدامها، وبدأت بذلك رحلة التوثيق الطويلة مع ابن عمي سيمون (وأخي في المعمودية)، والذي شاركني نفس الإهتمام.
1. 2. 2. التوثيق وجمع المعلومات:
بدأنا بورقة وقلم وبتدوين أسماء فقط كنا نجمعها من كبار السن وكل من عاصر هذه الأدوات أو يتذكرها. ثم وفي 2006 اشتريت أول موبايل له كاميرا وأول مسجل صوت لأستخدمه في دراستي الجامعية، وسرعان ما بدأت باستخدامهم في تسجيل وتوثيق الأدوات والمعلومات والقصص التي تتحدث عن تاريخ وتراث معلولا. فكنت برفقة ابن عمي نستغل كل وقت لدينا لنزور أحد كبار السن ونسأله عن كل ما يخطر في بالنا من أسئلة، أو نتركه ليتحدث براحته ويأخذنا في رحلة عبر الزمن الى عالم البساطة والمحبة والخير والسلام الداخلي.
وكانت ذروة نشاطنا بين عامي 2006 و 2011 حيث بدأنا نفهم التاريخ والتراث بشكل أفضل، ونعرف على ماذا نركز وماذا نسأل. مع الوقت قمنا بتطوير معدات التوثيق.






الشكل 1. 2. 2. 1: بعض كبار السن الذين كنا نوثق منهم. الصور تعود لعامي 2008 و 2009 {© ريمون وهبي}
كما دفعنا حبنا للمعرفة وعشقنا لكل ما يخص معلولا الى استكشاف كل شبر فيها من أعلى قممها حتى أعمق كهوفها.




الشكل 1. 2. 2. 2: عينة من استكشافات ومغامرات 2006 و 2007 {© ريمون وهبي}




الشكل 1. 2. 2. 3: عينة من استكشافات ومغامرات 2008 وحتى 2011 {© ريمون وهبي}
أرشيفي:
واليوم لدي أرشيف هائل لصور معلولا يفوق 25000 صورة: 15000 صورة من تصويري والبقية من مصورين مختلفين، 3000 صورة منهم تمتد من 1890 وحتى آخر 1999. يتكامل أرشيف الصور هذا مع كمية كبيرة من المعلومات التي قمت بجمعها من كبار السن ومن الكتب العربية والأجنبية.
في 2010 حصلت على إجازة في الإقتصاد من جامعة دمشق، وفي بداية 2012 اضطررت أنا وسيمون للسفر الى لبنان للعمل هناك.
1. 2. 3. الدراسة الأكاديمية:
في 2013 هاجمت جبهة النصرة وأتباعها معلولا فقتلوا وهجّروا أهلها وأحرقوا ونهبوا كنائسها وبيوتها، وقد شكل لنا ذلك صدمة عاطفية ونفسية كبيرة. بعدها أدركنا حجم الفاجعة وقررنا المساهمة في تدارك نتائجها وتخفيف عواقبها.
فاختار كل منّا طريقه، وعاد سيمون الى معلولا ليساهم بشكل مباشر في إعادة الحياة إليها وترميم ما خرّب فيها.
واخترت أنا الإستمرار بالتركيز على اللغة الآرامية، فقد أدركت أن تهجير أهل معلولا وتشتتهم سيكون سبباً مباشراً في انقراضها وتراجعها. وهنا أخذت قصتي منحى آخر، فقررت تعلّم اللغة الآرامية بشكل أكاديمي لأتمكن من تدريسها لاحقاً والمساهمة في الحفاظ عليها.
وكوني كنت على اطلاع على اسماء الباحثين في اللغة الآرامية المعلولية علمت بأنه يجب علي الوصول الى البروفسور فيرنر آرنولد، والذي يعتبر المرجع الأكاديمي الأول للآرامية المعلولية. فتواصلت معه والتقيته في لبنان عندما أتى في رحلة مع طلابه، ونصحني بمحاولة الحصول على منحة للدراسة لكي استطيع التفرغ لها وعدم الإضطرار للعمل، فقمت بتقديم المستندات وتحقيق الشروط المطلوبة للحصول على منحة من KAAD الألمانية لدراسة اللغة الآرامية في جامعة هايدلبيرغ وتحت إشراف البروفسور آرنولد.
ماجستير في الآداب والعلوم الإنسانية:
في 08/12/2017 حصلت على شهادة الماجستير في الآداب والعلوم الإنسانية – قسم الدراسات الساميّة، بمعدل 1.3 وبتقييم جيد جداً، وهو أعلى تقييم يمكن الحصول عليه. وكان موضوع الأطروحة بعنوان: “الطواحين المائية الآرامية في معلولا”، حيث قمت بدراسة ثلاثة تسجيلات باللغة الآرامية كنت قد سجلتها في الأعوام 2007-2009-2010، وكان للبحث هدفان رئيسيان: الأول يتعلق بعلم دراسة الطواحين وبتوثيق ما بقي عالقاً في الذاكرة الشعبية عن الطواحين المائية المعلولية وكيفية عملها وأسماء أجزائها وغير ذلك، والثاني يتعلق بعلم الساميّات وتحليل النص الآرامي ودراسته.
نشر الرسالة كمقال:
قمت في 2020 باختصاره وتنقيحه وتحويله الى مقال سيتم نشره في 15 كانون الأول لعام 2021، في العدد 28 من مجلة أكاديمية متخصصة اسمها Mediterranean Language Review تصدرها دار النشر Harrassowitz Verlag.

الشكل 1. 2. 3. 1: شهادة الماجستير

الشكل 1. 2. 3. 2: غلاف رسالة الماجستير
1. 2. 4. العودة الى الوطن:
وطبعاً كما نويت من البداية وبعد الحصول على شهادة الماجستير عدت الى سوريا في كانون الثاني سنة 2018. بقيت في معلولا لمدة شهرين قضيتها في دراسة واقع الحال وما الذي يجب عمله، وأدركت عندها أنه عليّ أولاً تأمين استقرار مادي لكي أستطيع العيش بكرامة وأتمكن من تمويل وإكمال أبحاثي عن اللغة الآرامية بشكل حيادي ودون ضغوط من أحد. لذلك فأنا أعمل مع والدي وأخي في البصريات، أما ليلاً وفي أيام العطل أتابع أبحاثي عن اللغة الآرامية مؤسساً لما ترونه الآن وما سيأتي مستقبلاً.
ريمون وهبي 11/04/2021